كتاب أدب النفس

من أهل
جباية الله تعالى؛ وذلك قوله عز وجل: (هو اجتباكم). وصار موسوما بسمة الله، وهو ذلك النور الذي أصابه، فلما أهينت النفس، وانقادت للقلب، قبل القلب ما سمع عن الله، وأبصر بالغيب، وعقله وعزم عليه، صار موسوما بسمة الله ظاهرا وباطنا، فقيل هذا مؤمن، وهذا مسلم، لأنه قد آمن، ولأنه قد أسلم وجهه إلى الله، ومن أسلم الوجه إليه، فقد أسلم إليه بكله، لأن الوجه اسم جامع؛ ألا ترى أنك تقول في اللغة للسائرين بين الناس: رأيت وجوها كثيرة، فدخل فيه البدن كله، والمؤمن إذا آمن وقبل أمره، فإنه يعمل على تسليم نفسه إليه، لأن إيمانه إنما آمن بأنه ربه، فرقبته له، وجميع ما ملكت يمينه له، فقد سلم إليه نفسه وملك يمينه، فهو المسلم، قال تعالى: (هو سماكم المسلمين من قبل): أي في اللوح المحفوظ.

الصفحة 96