كتاب أدب النفس

(وفي هذا): يعني في القرآن. (ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس): أي إذا جاءت الأنبياء، فسئلوا عن تبليغ الرسالة، فادعوا البلاغ، فأنكرت الأمم، وقالوا: لم تبلغنا رسلك أمرك، فنسلم أنفسنا وملك يميننا لك، ونأتمر بأمرك، فأنتم أهل تسميتي، الذين سميتكم مسلمين، بأنكم قد سلمتم إليّ أنفسكم، فيشهد لكم بذلك الرسول الذي بعثته بالمقام المحمود، الذي يغبطه الأولون والآخرون، فبلغنا في الحديث: (وتشهدون أنتم لرسلي على أممها التي لم تسلم لي نفسها، فبهذا صرتم شهداء رسلي، وحجتي عل خلقي).
فلما فتح القلب عينه أبصر وسمع لما حبب إليه الإيمان، أي وصل إلى حبة قلبه، وتزين ذلك في قلبه، انقاد لربه، ألقى بيديه إلى ربه سلماً، جاءت النفس بظلمها وظلمتها، وهي الهوى، فوقفت بين يدي القلب، صار على القلب كالغشاء أو كالسحابة المظلمة، فقيل غفلة، والأول كانت غلفة، فلما ذهبت الغلفة، حيث جاء النور، وبقى الهوى غفلة. وقد نجد مثل هذا كثيراً في اللغة، يقال: جبذ وجذب، وكشر

الصفحة 97