كتاب الأدب والمروءة

فإن اتفقا اتبعهما وإن اختلفا اتبع عقله وترك هواه وكان أمره معتدلًا لا يثبه (¬13) بعضه بعضًا وقليل ما هم.
وفى ذلك أقول شعرًا:
املك هواك إذا دعاك فربما ... قاد الحليم إلى الهلاك هواه
الله يسعد مَن يشاء بفضله ... وإذا أراد شقاءه أشقاه

[وقال في الوجوه الشفافة]
وقال أيضًا في أناس تحسن وجوههم عند حاجاتهم وتغبّر وجوههم عند غنائهم شعرًا:
أرى قومًا وجوههم حسان ... إذا كانت حوائجهم إلينا
وإن كانت حوائجنا إليهم ... تغير حسن أوجههم علينا
ومنهم من يسمح (*) ما لديه ... ويغضب حين يمنع ما لدينا
فإن يك فعلهم قبيحًا ... وفعلى مثله فقد استوينا

[الإعداد لكل أمر بعدته]
وقال فيمن فعل أمرًا لا يحسن أن يحتال له:
اعلم أن من قاتل بغير عدة أو خاصم بغير حجة أو صاع (¬14) بغير قوة فهو الذى صرع نفسه وخصم نفسه وقتل نفسه فإن ابتليت بقتال أحد أو مخاصمته أو مصارعته فأحسن الإِعداد له واعرف مع ذلك عدته وأبصر
¬__________
(¬13) يثبه: من وثب يثب وثبًا ووثبانًا ووثوبًا: طفر وقفز ويقال وثب إلى المكان العالى: بلغه. الوسيط (2/ 1011)، والمقصود أمره معتدل لا يخالف بعضه بعضًا.
(*) كذا بالأصل ولعلها (يمنع).
(¬14) (صاع): هكذا بالأصل والصواب صارع.

الصفحة 16