كتاب الداء والدواء = الجواب الكافي - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
عندهم؟ فإن كان ينفعهم قولُهم: "حَسَّنَّا ظنونَنا بك (¬١) "، لم يعذَّبْ ظالم ولا فاسق (¬٢). فليصنع العبد ما شاء، وليرتكب كلّ ما نهاه الله عنه، وليحسن ظنّه بالله، فإنّ النار لا تمسّه! فسبحان الله، ما يبلغ الغرور بالعبد!.
وقد قال إبراهيم لقومه: {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٧)} [الصافات: ٨٦ - ٨٧] أي: فما (¬٣) ظنّكم به أن يفعل بكم إذا لقيتموه، وقد عبدتم غيرَه؟
ومن تأمل هذا الموضع (¬٤) حقّ التأمل علِمَ أنّ حسنَ الظن بالله هو حسنُ العمل نفسه. فإنّ العبد إنما يحمله على حسن العمل حسنُ ظنّه بربه أن يجازيه على أعماله، ويثيبه عليها، ويتقبّلها منه. فالذي (¬٥) حمله على العمل حسنُ الظن، وكلّما (¬٦) حسُن ظنُّه حسُن عملُه، وإلا فحسنُ الظن مع اتباع الهوى عجز، كما في الترمذي والمسند من حديث شدّاد بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال (¬٧): "الكيّس من دان نفسَه، وعمِل لما بعد الموت. والعاجز من أتبعَ نفسَه هواها، وتمنّى على
---------------
(¬١) خا: "بالله". ز: "حسن ... ".
(¬٢) وقع في ف: "أنك لم تعذب ظالمًا ولا فاسقًا". وهذا مفسد للسياق. وفي ل: "ظنو بانك" وهو تحريف "ظنوننا بك".
(¬٣) ل، ز: "وما".
(¬٤) ل: "هذه المواضع".
(¬٥) ف: "فإن الذي".
(¬٦) ف، ل: "فلما". خب: "فكلما".
(¬٧) "أنه قال" انفردت بها ز.