كتاب الداء والدواء = الجواب الكافي - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وقد ثبت في الصحيحين (¬١) من حديث أبي سعيد قال: انطلق نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬٢) في سَفْرة سافروها حتى نزلوا على حيّ من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا أن يُضَيّفوهم (¬٣). فلُدِغَ سيّدُ ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهطَ الذين نزلوا، لعلّه أن يكون عند بعضهم شيء (¬٤). فأتوهم، فقالوا: أيها الرهط إن سيّدنا لُدِغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم (¬٥)، والله إنّي لأرقي، ولكن والله استضفناكم فلم تُضَيّفونا، فما أنا براقٍ حتى تجعلوا لنا جُعْلًا.
فصالحوهم على قطيع من الغنم. فانطلق يتفُل عليه، ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} [الفاتحة: ٢]. فكأنما نُشِطَ من عِقال، فانطلق يمشي، وما به قَلَبة (¬٦). فأوفَوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه. فقال بعضهم: اقتسِموا، فقال الذي رقَى: لا نفعل حتى نأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬٧)، فنذكر له الذي كان، فننظر بما يأمرنا. فقدِموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له ذلك، فقال: "وما يدريك أنها رقية؟ " ثم قال: "قد أصَبتُم، اقتسِمُوا واضرِبوا لي معكم سهمًا".
---------------
(¬١) أخرجه البخاري في الإجارة، باب ما يعطي في الرقية ... (٢٢٧٦) وغيره، ومسلم في السلام، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار (٢٢٠١).
(¬٢) ف: "رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
(¬٣) س: "فلم يضيفوهم"، وأشير في الحاشية إلى ما أثبتناه من غيرها.
(¬٤) ل: "عندهم بعض شيء".
(¬٥) سقط "نعم" من ز.
(¬٦) القلبة: الألم والعلّة. انظر النهاية (٤/ ٩٨).
(¬٧) ل: "رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

الصفحة 7