كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

النية في جميع الأعمال، وأن يحفظنا بفضله ورحمته من فساد القصد في الأعمال، إنه رحيم كريم.
اعلم -وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه- أن من أنواع البيان التي تضمنها هذا الكتاب المبارك بيان الإجمال الواقع بسبب اشتراك، سواء كان الاشتراك في اسم أو فعل أو حرف.
ومثال الإجمال بسبب الاشتراك في اسم قوله تعالى {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} لأن القرء مشترك بين الطهر والحيض، وقد أشار تعالى إلى أن المراد بأقراء العدة الأطهار بقوله: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} فاللام للتوقيت، ووقت الطلاق المأمور به فيه في الآية الطهر، لا الحيض، وتدل له قرينة زيادة التاء في قوله "ثلاثة قروء" لدلالتها على تذكير المعدود وهو الأطهار، فلو أراد الحيضات لقال: ثلاث قروء بلا هاء، لأن العرب تقول: ثلاثة أطهار وثلاث حيضات.
وسترى بعض الكلام على هذه المسألة في هذه الترجمة وتحقيق المقام فيها بأدلته في سورة البقرة إن شاء الله تعالى.
ومن أمثلة الاشتراك في اسم قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيتِ الْعَتِيقِ (٢٩)} فإن العتيق يطلق بالاشتراك على القديم، وعلى المعتق من الجبابرة، وعلى الكريم، وكلها قيل به في الآية، وتصريح الله بأنه أقدم البيوت التي وضعت للناس في قوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} الآية، يدل للأول.
ومثال الإجمال بسبب الاشتراك في فعل قوله تعالى: {وَاللَّيلِ إِذَا عَسْعَسَ (١٧)} فإنه مشترك بين إقبال الليل وإدباره، وقد جاءت آية

الصفحة 10