كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ومن أمثلته قوله تعالى: {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (٤٣)} فإنه أبهم هؤلاء القوم هنا ولكنه أشار إلى أنهم سبأ بقوله عن الهدهد مقررًا. له: {فَقَال أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإ بِنَبَإ يَقِينٍ (٢٢) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} الآية.
ومثال الإجمال بسبب الإبهام في صلة موصول قوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إلا مَا يُتْلَى عَلَيكُمْ} فقد أبهم هنا هذا المتلو عليهم الذي هو صلة الموصول ولكنه بينه بقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الْمَيتَةُ وَالدَّمُ} الآية.
ومن أمثلته قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ} فإنه أبهم هنا هؤلاء {الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩)}.
ومن أمثلته قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} فإنه هنا أبهم هذا الذي أخفاه - صلى الله عليه وسلم - في نفسه وأبداه الله، ولكنه أشار إلى أن المراد به زواجه زينب بنت جحش حيث أوحى إليه ذلك وهي في ذلك الوقت تحت زيد بن حارثة، لأن زواجه إياها هو الذي أبداه الله بقوله: {فَلَمَّا قَضَى زَيدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} وهذا هو التحقيق في معنى الآية الذي دل عليه القرآن وهو اللائق بجنابه - صلى الله عليه وسلم - وبه تعلم أن ما يقوله كثير من المفسرين من أن ما أخفاه في نفسه - صلى الله عليه وسلم - وأبداه الله، وقوع زينب في قلبه ومحبته لها وهي تحت زيد وأنها سمعته قال: "سبحان مقلب القلوب" إلى آخر القصة فإنه كله لا صحة له، والدليل عليه أن الله لم يبد من ذلك شيئًا مع أنه صرح بأنه مبدي ما أخفاه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وسترى إن شاء الله تحقيق المقام

الصفحة 15