كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

كما ترى.
ومن أمثلته قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} فإنه لم يبينه هنا مع أنه وقع سؤال عنه وجواب في موضع آخر وهو قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيئًا} الآية.
ومن أنواع البيان التي تضمنها هذا الكتاب المبارك أن يكون الظاهر المتبادر من الآية بحسب الوضع اللغوي غير مراد، بدليل قرآني آخر على أن المراد غيره ومثاله قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} الآية - فإن ظاهره المتبادر منه أن الطلاق كله محصور في المرتين، ولكنه تعالى بين أن المراد بالمحصور في المرتين خصوص الطلاق الذي تملك بعده الرجعة بقوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيرَهُ}.
ومِن أمثلته قوله تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيمِ إلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} فإن المتبادر من مفهوم الغاية أنه إذا بلغ أشده، فلا مانع من قربان ماله بغير التي هي أحسن، ولكنه تعالى بين أن المراد بالغاية أنه إن بلغها يدفع إليه ماله إن أونس منه الرشد، وذلك في قوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} الآية.
ومن أنواع البيان التي تضمنها هذا الكتاب المبارك أن يقول بعض العلماء في الآية قولًا، ويكون في نفس الآية قرينة تدل على بطلان ذلك القول، ومثاله قول أبي حنيفة -رحمه الله- إن المسلم يقتل بالكافر الذمي مثلًا قائلًا إن ذلك يفيده عموم النفس بالنفس في قوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيهِمْ فِيهَا} الآية - فإن قوله تعالى في آخر

الصفحة 17