كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

الآية: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} الآية - قرينة على عدم دخول الكافر، لأن صدقته لا تكفر عنه شيئًا إذ لا تنفع الأعمال الصالحة مع الكفر، كما سترى تحقيقه في المائدة إن شاء الله تعالى.
ومن أمثلته قول الحسن البصري -رحمه الله تعالى- إن المراد بابني آدم في قوله {وَاتْلُ عَلَيهِمْ نَبَأَ ابْنَي آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا} الآية - رجلان من بني إسرائيل فإن قوله تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ} الآية - دليل على أن ذلك وقع في مبدأ الأمر قبل أن يعلم الناس دفن الموتى، أما في زمن بني إسرائيل فلا يخفى دفن الموتى على أحد، ولا يحتاج إسرائيلي البتة إلى تعلم دفن الميت من الغراب كما هو ظاهر.
ومن أمثلته قول مجاهد -رحمه الله- إن المراد بقوله: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} أنه متعمد لقتله ناس لإحرامه، فإن قوله تعالى في آخر الآية: {لِيَذُوقَ وَبَال أَمْرِهِ} يدل على أنه مرتكب معصية، والناسي لإحرامه غير مرتكب إثمًا حتى يقال فيه ليذوق وبال أمره.
ومن أمثلته قول كثير من الناس: إن آية الحجاب أعني قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} الآية - خاصة بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن تعليله تعالى لهذا الحكم الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوب الرجال والنساء من الريبة في قوله: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} قرينة واضحة على قصد تعميم الحكم، إذ لم يقل أحد من جميع المسلمين إن غير أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لا حاجة إلى طهارة قلوبهن، ولا إلى طهارة قلوب الرجال من

الصفحة 18