كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

الريبة منهن، وقد تقرر في الأصول أن العلة قد تعمم معلولها، وإليه أشار في مراقي السعود بقوله:
وقد تخصص وقد تعمم ... لأصلها لكنها لا تخرم
وسترى إن شاء الله تحقيق مسألة الحجاب في سورة الأحزاب.
ومن أمثلته قول بعض أهل العلمِ: إن أزواجه - صلى الله عليه وسلم - لا يدخلن في أهل بيته في قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيتِ} الآية - فإن قرينة السياق صريحة في دخولهن، لأن الله تعالى قال: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ} ثم قال في نفس خطابه لهن: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} ثم قال بعده: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ} الآية.
وأجمع جمهور علماء الأصول على أن صورة سبب النزول قطعية الدخول فلا يصح إخراجها بمخصص، ورُويَ عن مالك: أنها ظنية الدخول، وإليه أشار في مراقي السعود بقوله:
واجزم بإدخال ذوات السبب ... وارو عن الإمام ظنًّا تصب
فالحق أنهن داخلات في الآية، وسترى إن شاء الله تحقيق ذلك في سورة الأحزاب.
ومن أنواع البيان التي تضمنها أيضًا أن يذكر وقوع شيء في القرآن، ثم يذكر في محل آخر كيفية وقوعه كقوله تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ} الآية - فإنه لم يبين هنا كيفية الوعد بها هل كانت مجتمعة أو مفرقة؟ ولكنه بينها في الأعراف بقوله: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ

الصفحة 19