كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيلَةً}.
ومن أمثلته قوله تعالى: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠)} فإنه بين كيفية إغراقه لهم في مواضع أخر كقوله: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَق} الآية - وقوله: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} الآية -.
ومن هذا القبيل أن يذكر وقوع أمر من غير تعرض إلى كونه وقع أولًا بتنجيز أو تعليق، ثم بين ذلك في موضع آخر، ومثاله قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} الآية - فإنه لم يبين هنا هل ذلك الأمر بالسجود وقع أولًا بتنجيز أو تعليق وقد بين في (الحجر) و (ص) أنه وقع أولًا معلقًا قال في الحجر: {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإ مَسْنُونٍ (٢٨) فَإِذَا سَوَّيتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٢٩)} وقال في ص: {إِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذَا سَوَّيتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢)}.
ومن أنواع البيان المذكورة فيه أن يقع طلب لأمرٍ، ويبين في موضع آخر المقصود من ذلك الأمر المطلوب، ومثاله قوله تعالى في الأنعام: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ} الآية - فإنه بين في الفرقان أن مرادهم بالملك المقترح إنزالُه، أن يكون نذيرًا آخر معه - صلى الله عليه وسلم -، وذلك في قوله تعالى: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧)}.
ومن أنواع البيان التي تضمنها أيضًا أن يذكر أمر في موضع، ثم يذكر في موضع آخر شيء يتعلق بذلك الأمر، كأن يذكر له سبب أو مفعول، أو ظرف مكان، أو ظرف زمان، أو متعلق، فمثال ذكر

الصفحة 20