كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ويؤيده قوله تعالى في الذاريات: {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٣٨)} الآية؛ لأن قوله: {وَفِي مُوسَى} معطوف على قوله: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٣٧)} فيكون المعنى: وتركنا في قصة فرعون مع موسى وما أصابه من العذاب بسبب تكذيبه له آية للذين يخافون العذاب الأليم، ففيه بيان المفعول، وأنه عذاب الآخرة كما ذكر في هود. وسترى إن شاء الله إيضاحه في النازعات.
ومثاله في أحد المفعولين قوله: {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ} الآية. ونحوها من جميع آيات اتخاذهم العجل إلهًا، فإن المفعول الثاني محذوف في جميعها، وتقديره اتخذتم العجل إلهًا، ونكتة حذفه دائمًا التنبيه على أنه لا ينبغي أن يتلفظ بأن عجلًا مصطنعًا إله، وقد أشار إلى هذا المفعول في طه بقوله: {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى}.
ومثال ذكر ظرف المكان قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٢)} ثم بين في سورة الروم أن السموات والأرض من الظروف المكانية لحمده جل وعلا، وذلك في قوله تعالى: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية.
ومثال ذكر ظرف الزمان قوله تعالى في القصص: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ} وقوله في أول سبأ: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١)} فبين أن الدنيا والآخرة من الظروف الزمانية لحمده.
ومن أمثلته قوله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُمْ شَهِيدًا} فإنه بين في النساء أن شهادة الرسول واقعة يوم القيامة وذلك في قوله: {فَكَيفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ

الصفحة 22