كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ومن أنواع البيان المذكورة في هذا الكتاب المبارك، وهو من أهمها: بيان أن جميع ما وصف الله به نفسه في هذا القرآن العظيم من الصفات كالاستواء، واليد، والوجه ونحو ذلك من جميع الصفات، فهو موصوف به حقيقة، لا مجازًا مع تنزيهه جل وعلا عن مشابهة صفات الحوادث، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، وذلك البيان العظيم لجميع الصفات في قوله جل وعلا: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} فنفى عنه مماثلة الحوادث بقوله: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ}، وأثبت له الصفات على الحقيقة بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)}، وسترى إن شاء الله تحقيق هذا المبحث وإيضاحه بالآيات القرآنية بكثرة في سورة الأعراف.
ومن أنواع البيان التي تضمنها هذا الكتاب المبارك أنا إذا بينا قرآنًا بقرآن في مسألة يخالفنا فيها غيرنا، ويدعي أن مذهبه المخالف لنا يدل عليه قرآن أيضًا، فإنا نبين بالسنة الصحيحة صحة بياننا وبطلان بيانه، فيكون استدلالنا بكتاب وسنة، فإن استدل من خالفنا بسنة أيضًا مع القرآن الذي استدل به، فإننا نبين رجحان ما يظهر لنا أنه الراجح، وكذلك إذا استدل مخالفنا بقرآن ولم يقم دليل من سنة شاهدًا لنا ولا له، فإنا نبين وجه رجحان بياننا على بيانه.
مثال الأولى من هذه المسائل الثلاث قولنا: إن قراءة {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} بالخفض المفهمة مسح الرجلين في الوضوء تبينها قراءة "وأرجلكم" بالنصب الصريحة في الغسل فهي مبينة وجوب غسل الرجلين في الوضوء، فيفهم منها أن قراءة الخفض لأجل المجاورة للمخفوض، أو لغير ذلك من المعاني،

الصفحة 25