كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

كما ستراه إن شاء الله مبينًا في المائدة، فيقول الشيعي القائل بمسح الرجلين في الوضوء: بل قراءة الخفض صريحة في المسح على الرجلين، فهي مبينة أن قراءة النصب من العطف على المحل؛ لأن المجرور الذي هو برءوسكم في محل نصب، فنقول: السنة الصحيحة تدل صحة بياننا، وبطلان بيانك، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ويل للأعقاب من النار"، وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة المصرحة بوجوب غسل الرجلين في الوضوء، ولنا أيضًا أن نقول: لو سلمنا أن قراءة "وأرجلكم" بالخفض يراد بها المسح، فلا يكون ذلك المسح إلا على خف؛ لأن من أنزل عليه القرآن - صلى الله عليه وسلم - قيل له: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِمْ} ولم يمسح - صلى الله عليه وسلم - على رجليه في الوضوء إلا على خفين، فتكون قراءة النصب مبينة لوجوب غسلهما، وقراءة الخفض مبينة لجواز المسح على الخفين، وسترى تحقيق هذه المسألة إن شاء الله في محلها من سورة المائدة.
ومثال المسألة الثانية من المسائل الثلاث المذكورة قولنا: إن الأظهر في القروء في قوله تعالى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} أنها الأطهار، بدليل قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} والزمن المأمور بالطلاق فيه زمن الطهر، لا زمن الحيض، فدل على أن العدة بالطهر، وتدل له السنة الصحيحة كقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر: "فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء" والإشارة في قوله: "فتلك العدة" لزمن الطهر الواقع فيه الطلاق، وهو تصريح من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الطهر هو العدة، وتدل له التاء في ثلاثة قروء كما تقدم.
واستدل من يقول: بأن القروء الحيضات بكتاب وسنة أيضًا،

الصفحة 26