كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
اعترفتم بنظيره في قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}؛ لأن السعي فرض عند الجمهور. وعن قوله في الحديث: "صدقة تصدق الله بها عليكم" بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقبولها في قوله: "فاقبلوا صدقته" والأمر يقتضي الوجوب، فليس لنا عدم قبولها مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فاقبلوها"، وأجابوا عن الثالث والرابع بأن حديثي عائشة المذكورين لايصح واحد منهما، واستدلوا على عدم صحة ذلك بما ثبت في الصحيح عن عروة أنها تأولت في إتمامها ما تأول عثمان، فلو كان عندها في ذلك رواية من النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل عنها عروة أنها تأولت.
وقال العلامة ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد ما نصه: وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا الحديث كذب على عائشة، ولم تكن عائشة لتصلي بخلاف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسائر الصحابة، وهي تشاهدهم يقصرون، ثم تتم هي وحدها بلا موجب، كيف وهي القائلة: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فزيد في صلاة الحضر، وأقرت صلاة السفر، فكيف يظن أنها تزيد على ما فرض الله وتخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.
وقال الزهري بن عروة لما حدثه عن أبيه، عنها بذلك: فما شأنها كانت تتم الصلاة؟ فقال: تأولت كما تأول عثمان. فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حسن فعلها وأقرها عليه، فما للتأويل حينئذ وجه، ولا يصح أن يضاف إتمامها إلى التأويل على هذا التقدير، وقد أخبر ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يزيد في السفر على