كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
دخل على عائشة بالاستئذان بعد احتلامه، وذكر صاحب "الكمال": أنه سمع منها، وذكر البخاري في تاريخه وابن أبي شيبة ما يشهد لذلك. قاله ابن حجر. وإعلال الحديث المذكور بأنه مضطرب؛ لأن بعض الرواة يقول: عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة، وبعضهم يقول: عن عبد الرحمن، عن عائشة مردود أيضا بأن رواية من قال: عن أبيه خطأ، والصواب عن عبد الرحمن بن الأسود عن عائشة. قال البيهقي: بعد أن ساق أسانيد الروايتين، قال أبو بكر النيسابوري: هكذا قال أبو نعيم: عن عبد الرحمن، عن عائشة، ومن قال: عن أبيه في هذا الحديث فقد أخطأ. اهـ.
فالظاهر ثبوت هذا الحديث، وهو يقوي حجة من لم يمنع إتمام الرباعية في السفر وهم أكثر العلماء، وذهب الإمام مالك بن أنس إلى أن قصر الرباعية في السفر سنة، وأن من أتم أعاد في الوقت، لأن الثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يواظب على القصر في أسفاره وكذلك أبو بكر، وعمر، وعثمان في غير أيام منى، ولم يمنع مالك الإتمام؛ للأدلة التي ذكرنا. والعلم عند الله تعالى.
الفرع الثاني: اختلف العلماء في تحديد المسافة التي تقصر فيها الصلاة. فقال مالك والشافعي وأحمد: هي أربعة برد، والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، وتقريبه بالزمان مسيرة يومين سيرا معتدلا، وعندهم اختلاف في قدر الميل معروف.
واستدل من قال بهذا القول بما رواه مالك عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسيره ذلك.