كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
وأما الاستدلال بحديث توقيت مسح المسافر بثلاثة أيام بلياليهن فهو أيضا غير متجه، لأنه إذا انتهى سفره قبلها صار مقيما وزال عنه اسم السفر وليس في الحديث أنه لا بد من أن يسافر ثلاثة، بل غاية ما يفيده الحديث أن المسافر له في المسح على الخف مدة ثلاثة أيام، فإن مكثها مسافرا فذلك، وإن أتم سفره قبلها صار غير مسافر، ولا إشكال في ذلك.
وذهب جماعة من أهل العلم: إلى أن القصر يجوز في مسيرة يوم تام، وممن قال به الأوزاعي وابن المنذر.
واحتجوا بما تقدم في بعض الروايات الصحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أطلق اسم السفر على مسافة يوم، والسفر هو مناط القصر، وبما رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر كان يقصر الصلاة في مسيرة اليوم التام. وظاهر صنيع البخاري أنه يختار أنها يوم وليلة، لأنه قال: "باب في كم يقصر الصلاة؟ وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما وليلة سفرا"، لأن قوله: وسمى النبي الخ بعد قوله: في كم يقصر الصلاة؟ يدل على أن ذلك هو مناط القصر عنده، كما هو ظاهر.
وذهب بعض العلماء إلى جواز القصر في قصير السفر وطويله، وممن قال بهذا داود الظاهري، قال عنه بعض أهل العلم: حتى إنه لو خرج إلى بستان خارج البلد قصر.
واحتج أهل هذا القول بإطلاق الكتاب والسنة جواز القصر بلا تقييد للمسافة، وبما رواه مسلم في صحيحه عن يحيى بن يزيد الهنائي قال: سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة، فقال: كان