كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

أَبْصَارِهِمْ} محتملة في الحرفين أن تكون عاطفة (¬١) على ما قبلها، وأن تكون استئنافية، ولم يبين ذلك هنا، ولكن بين في موضع آخر أن قوله: "وَعَلَى سَمْعِهِمْ" معطوف على قوله: "عَلَى قُلُوبِهِمْ" وأن قوله: "وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ" استئناف، والجار والمجرور خبر المبتدأ الذي هو "غِشَاوَةٌ" وسوغ الابتداء بالنكرة فيه اعتمادها على الجار والمجرور قبلها، ولذلك يجب تقديم هذا الخبر، لأنه هو الذي سوغ الابتداء بالمبتدأ كما عقده في الخلاصة بقوله:
ونحو عندي درهم ولي وطر ... ملتزم فيه تقدم الخبر
فتحصل أن الختم على القلوب والأسماع، وأن الغشاوة على الأبصار، وذلك في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَة}.
والختم: هو الاستيثاق من الشيء حتى لا يخرج منه داخل فيه ولا يدخل فيه خارج عنه.
والغشاوة: الغطاء على العين يمنعها من الرؤية، ومنه قول الحارث بن خالد بن العاص:
هويتك إذ عيني عليها غشاوة ... فلما انجلت قطعت نفسي ألوامها
وعلى قراءة من نصب غشاوة فهي منصوبة بفعل محذوف أي {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} كما في سورة الجاثية، وهو كقوله:
علفتها تبنا وماءا باردا ... حتى شتت همالة عيناها
---------------
(¬١) كذا، ولعلها: معطوفة.

الصفحة 58