كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
وعلا: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} وقوله: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (٧)} وقوله: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} الآية. ولا تقلب ورقة من المصحف الكريم إلا وجدت فيها آية بهذا المعنى.
تنبيه مهم
اعلم أن الله تبارك وتعالى ما أنزل من السماء إلى الأرض واعظًا أكبر، ولا زاجرًا أعظم مما تضمنه هذه الآيات الكريمة وأمثالها في القرآن، من أنه تعالى عالم بكل ما يعمله خلقه، رقيب عليهم، ليس بغائب عما يفعلون. وضرب العلماء لهذا الواعظ الأكبر، والزاجر الأعظم مثلًا ليصير به كالمحسوس، فقالوا: لو فرضنا أن ملكًا قَتّالًا للرجال، سفاكًا للدماء شديد البطش والنكال على من انتهك حرمته ظلمًا، وسيّافه قائم على رأسه، والنطع مبسوط للقتل، والسيف يقطر دمًا، وحول هذا الملك الذي هذه صفته جواريه وأزواجه وبناته، فهل ترى أن أحدًا من الحاضرين يهتم بريبة أو بحرام يناله من بنات ذلك الملك وأزواجه، وهو ينظر إليه، عالم بأنه مطلع عليه؟ ! لا، وكلا! بل جميع الحاضرين يكونون خائفين، وجلة قلوبهم خاشعة عيونهم، ساكنة جوارحهم خوفًا من بطش ذلك الملك.
ولا شك -ولله المثل الأعلى- أن رب السموات والأرض جل وعلا أشد علمًا، وأعظم مراقبة، وأشد بطشًا، وأعظم نكالًا وعقوبة من ذلك الملك، وحماه في أرضه محارمه، فإذا
الصفحة 13
797