كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

الزائر يميل إلى المزور. ومن هذا المعنى قول عنترة في معلقته:
فازورَّ من وقع القنا بلبانه ... وشكا إليَّ بعبرة وتَحَمْحُم
وقول عمر بن أبي ربيعة:
وخُفِّض عني الصوتُ أقبلتُ مشيةَ الـ ... ـحُباب وشخصي خشيةَ الحيِّ أزْوَر
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {ذَاتَ الْيَمِينِ} أي: جهة اليمين، وحقيقتها الجهة المسماة باليمين. وقال أبو حيان في البحر: وذات اليمين: جهة يمين الكهف، وحقيقتها الجهة المسماة باليمين، يعني يمين الداخل إلى الكهف، أو يمين الفتية اهـ وهو منصوب على الظرف.
وقوله تعالى: {وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ} من القرض بمعنى القطيعة والصرم؛ أي: تقطعهم وتتجافى عنهم ولا تقربهم. وهذا المعنى معروف في كلام العرب؛ ومنه قول غيلان ذي الرمة:
نظرت بجرعاء السبيبة نظرة ... ضحى وسواد العين في الماء شامس
إلى ظُعُن يقرضن أقواز مشرف ... شمالًا وعن أيمانهن الفوارس
فقوله: "يقرضن أقواز مشرف" أي: يقطعنها ويبعدنها ناحية الشمال، وعن أيمانهن الفوارس، وهو موضع أو رمال الدهناء. والأقواز: جمع قوز -بالفتح- وهو العالي من الرمل كأنه جبل. ويروى: "أجواز مشرف"، جمع جوز؛ من المجاز بمعنى الطريق.
وهذا الذي ذكرنا هو الصواب في معنى قوله تعالى: {تَقْرِضُهُمْ} خلافًا لمن زعم أن معنى تقرضهم: تقطعهم من ضوئها شيئًا ثم

الصفحة 49