كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
وقوله: {وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (٧٣)} أي مطيعين باجتناب النواهي وامتثال الأوامر بإخلاص؛ فهم يفعلون ما يأمرون الناس به، ويجتنبون ما ينهونهم عنه؛ كما قال نبي الله شعيب: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} الآية. وقوله: {أَئِمَّةً} معلوم أنه جمع إمام. والإمام: هو المقتدى به، ويطلق في الخير كما هنا، وفي الشر كما في قوله: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} الآية. وما ظنه الزمخشري من الإشكال في هذه الآية ليس بواقع؛ كما نبه عليه أبو حيان. والعلم عند الله تعالى.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَإِقَامَ الصَّلَاةِ} لم تعوض هنا تاء عن العين الساقطة بالاعتلال على القاعدة التصريفية المشهورة؛ لأن عدم تعويضها عنه جائز كما هنا، كما أشار إلى ذلك في الخلاصة بقوله:
.......................... ... وألِفَ الإفعالِ واسْتِفْعال
أزِل لِذا الإعلالِ والتا الْزَمْ عِوَض ... وحذفُها بالنقلِ رُبَّما عَرَض
وقد أشار في أبنية المصادر إلى أن تعويض التاء المذكورة من العين هو الغالب بقوله:
واستعِذِ استعاذةً ثمَّ أَقِمْ ... إقامةً وغالبًا ذا التَّا لَزِمْ
وما ذكرناه من أن التاء المذكورة عوض عن العين أجود من قول من قال: إن العين باقية وهي الألف الباقية، وأن التاء عوض عن ألف الإفعال.