كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
أن مذهبنا وجوب الحج عليه. وقال مالك، وأبو حنيفة، وأحمد: لا يجب عليه، وقد علمت أن مالكًا احتج في مسألة العاجز الذي له مال بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيسَ لِلْإِنْسَانِ إلا مَا سَعَى (٣٩)} وبأنه عاجز بنفسه فهو غير مستطيع إلى الحج سبيلًا ... إلى آخر ما تقدم، وبأن سعيد بن منصور وغيره رووا عن ابن عمر بإسناد صحيح أنه لا يحج أحد عن أحد، ونحوه عن الليث ومالك، وأن الذين خالفوه احتجوا بالأحاديث التي ذكرنا وفيها ألفاظ ظاهرها الوجوب؛ كتشبيهه بدين الآدمي، وكقول السائل: يجزئ عنه أن أحج عنه. والإِجزاء دليل المطالبة، وفي بعض رواياتها أن السائل يقول: إن عليه فريضة الحج، ويستأذن النبي في الحج عنه، وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يبين له أن الحج سقط عنه بزمانته وعجزه عن الثبوت على الراحلة، وبقوله للولد: "آنت أكبر ولده" وأمره بالحج عنه.
وأما الذين فرقوا بين وجود المعضوب مالًا فأوجبوا عليه الحج، وبين وجوده ولدًا يطيعه فلم يوجبوه عليه؛ فلأن المال ملكه، فعليه أن يستأجر به، والولد مكلف آخر ليس ملزمًا بفرض على شخص آخر؛ ولأنه وإن كان له ولد فليس بمستطيع ببدن، ولا بزاد وراحلة، ولو وجد إنسانًا غير الولد يطيعة في الحج عنه، فهل يكون حكمه حكم الولد؟ فيه خلاف معروف. وفي فروع الشافعية توجيه كل قول منها، فانظره في النووي في شرح المهذب، وأظهرها أنه كالولد.
تنبيه
إذا مات الشخص، ولم يحج، وكان الحج قد وجب عليه لاستطاعته بنفسه، أو بغيره عند من يقول بذلك، وكان قد ترك مالًا،