كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
فهل يجب أن يحج ويعتمر عنه من ماله؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم، فقال بعضهم: يجب أن يحج عنه، ويعتمر عنه من تركته، سواء مات مفرطًا، أو غير مفرط؛ لكون الموت عاجله عن الحج فورًا. وبهذا قال الشافعي، وأحمد.
قال ابن قدامة في المغني: وبهذا قال الحسن، وطاوس، والشافعي. وقال أبو حنيفة، ومالك: يسقط بالموت، فإن أوصى بذلك، فهو في الثلث. وبهذا قال الشعبي والنخعي لأنه عبادة بدنية، فتسقط بالموت كالصلاة.
واحتجوا أيضًا أن ظاهر القرآن كقوله: {وَأَنْ لَيسَ لِلْإِنْسَانِ إلا مَا سَعَى (٣٩)} مقدم على ظاهر الأحاديث، بل على صريحها؛ لأنه أصح منها.
وأجاب المخالفون بأن الأحاديث مخصصة لعموم القرآن، وبأن المعضوب وجب عليه الحج بسعيه، بتقديم المال، وأجرة من يحج عنه، فهذا من سعيه.
وأجابوا عن قياسه على الصلاة بأنها لا تدخلها النيابة، بخلاف الحج.
والذين قالوا: يجب أن يحج عنه من رأس ماله استدلوا بأحاديث جاءت في ذلك، تقتضي أن من مات وقد وجب عليه الحج قبل موته أنه يحج عنه.
منها: ما رواه البخاري في صحيحه: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : أن امرأة من جهينة جاءت إلى