كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج، حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: "نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دَين أكنت قاضيته، اقضوا الله فالله أحق بالوفاء". اهـ.
والحج في هذا الحديث وإن كان منذورًا فإيجاب الله له على عباده في كتابه أقوى من إيجابه بالنذر. واستدل بالحديث المذكور بعض أهل العلم على صحة نذر الحج ممن لم يحج.
قال ابن حجر في الفتح: فإذا حج أجزأه عن حجة الإِسلام، عند الجمهور، وعليه الحج عن النذر. وقيل: يجزئ عن النذر، ثم يحج حجة الإِسلام. وقيل: يجزئ عنهما.
وقال البخاري أيضًا في كتاب: الأيمان والنذور: حدثنا آدم، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: إن أختي نذرت أن تحج، وإنها ماتت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لو كان عليها دين أكنت قاضيه؟ " قال: نعم، قال: "فاقض الله فهو أحق بالقضاء". اهـ.
وقال المجد في المنتقى بعد أن أشار لحديث البخاري هذا: وهو يدل على صحة الحج عن الميت من الوارث وغيره، حيث لم يستفصله أوارث هو، أو لا؟ وشبهه بالدين. انتهى.
وقد تقرر في الأصول: أن عدم الاستفصال من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أي: طلب التفصيل في أحوال الواقعة، ينزل منزلة العموم القولي. وإليه أشار في مراقي السعود بقوله:
ونزّلن تركَ الاستفصالِ ... منزلةَ العمومِ في الأقْوَالِ
وخالف في هذا الأصل أبو حنيفة رحمه الله كما هو مقرر في

الصفحة 106