كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

عنها". اهـ. ثم قال: قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. اهـ. وأخرج البيهقي نحوه بإسناد صحيح.
وقال الشافعي في مسنده: أخبرنا سعيد بن سالم، عن حنظلة، سمعت طاوسًا يقول: أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة، فقالت: إن أمي ماتت، وعليها حج قال: "حجي عن أمك" ولا يخفى أن حديث الشافعي هذا مرسل، ولكنه معتضد بما تقدم من الأحاديث وبما سيأتي إن شاء الله.
وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: وحدثني علي بن حجر السعدي، حدثنا علي بن مسهر أبو الحسن، عن عبد الله بن عطاء، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه قال: بينا أنا جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت قال: فقال: "وجب أجرك وردها عليك الميراث" قالت: يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر، أفأصوم عنها؟ قال: "صومي عنها"، قالت: إنها لم تحج قط، أفأحج عنها؟ قال: "حجي عنها" انتهى من صحيح مسلم.
فهذه الأحاديث وأمثالها هي حجة من قال: إن وجب عليه الحج في الحياة، وترك مالًا وجب أن يحج عنه، وليست كلها ظاهرة في ذلك، ولكن بعضها ظاهر فيه كتشبيهه بِديْن الآدمي، ونحو ذلك مما تقدم.
وأجاب المخالفون بأن الحج أعمال بدنية وإن كانت تحتاج إلى مال، والأعمال البدنية تسقط بالموت، فلا وجوب لعمل بعد الموت، والذي يحج عنه متطوع، وفاعل خيرًا. قالوا: ووجه تشبيهه بالدَّين انتفاع كل منهما بذلك الفعل، فالمدين ينتفع بقضاء الدين عنه، والميت ينتفع بالحج عنه، ولا يلزم من قضاء الدين عن أحد أن

الصفحة 109