كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
كان مفروضًا عام خمس، فتأخيره - صلى الله عليه وسلم - الحج إلى عام عشر دليل على أنه على التراخي، لا على الفور.
ومن أدلتهم على أنه على التراخي: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع أمر المحرمين بالحج أن يفسخوه في عمرة" فدل ذلك على جواز تأخير الحج، وهو دليل على أنه على التراخي.
ومن أدلتهم أيضًا: أنه إن أخر الحج من سنة إلى أخرى، أو إلى سنين، ثم فعله فإنه يسمى مؤديًا للحج لا قاضيًا له بالإِجماع، قالوا: ولو حرم تأخيره لكان قضاء لا أداء.
ومن أدلتهم على أنه على التراخي: ما هو مقرر في أصول الشافعية: وهو أن المختار عندهم أن الأمر المجرد عن القرائن، لا يقتضي الفور، وإنما المقصود منه الامتثال المجرد، فوجوب الفور يحتاج إلى دليل خاص زائد على مطلق الأمر.
ومن أدلتهم: أنهم قاسوا الحج على الصلاة الفائتة قالوا: فهي على التراخي، ويقاس الحج عليها، بجامع أن كلًّا منهما واجب ليس له وقت معين.
ومنها: أنهم قاسوه على قضاء رمضان في كونهما على التراخي، بجامع أن كليهما واجب، ليس له وقت معين. قالوا: ولكن ثبتت آثار: أن قضاء رمضان غاية زمنه مدة السنَّة. هذا هو حاصل أدلة القائلين بأن وجوب الحج على التراخي لا على الفور.
وأما الذين قالوا: إنه على الفور فاحتجوا أيضًا بأدلة، ومنعوا أدلة المخالفين.