كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
فمن أدلتهم على أن وجوب الحج على الفور آيات من كتاب الله تعالى يفهم منها ذلك، وهي على قسمين:
قسم منها: فيه الدلالة على وجوب المبادرة إلى امتثال أوامره جل وعلا، والثناء على من فعل ذلك.
والقسم الثاني: يدل على توبيخ من لم يبادر، وتخويفه من أن يدركه الموت قبل أن يمتثل؛ لأنه قد يكون اقترب أجله، وهو لا يدري.
أما آيات القسم الأول فكقوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣)} وقوله تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} الآية، فقوله: {وَسَارِعُوا} قوله: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ} فيه الأمر بالمسارعة، والمسابقة إلى مغفرته، وجنته جل وعلا، وذلك بالمبادرة، والمسابقة إلى امتثال أوامره، ولا شك أن المسارعة والمسابقة كلتاهما على الفور، لا التراخي، وكقوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيرَاتِ} الآية، ويدخل فيه الاستباق إلى الامتثال. وصيغ الأمر في {سَابِقُوا} قوله: {وَسَارِعُوا} وقوله: {سَابِقُوا} وقوله: {فَاسْتَبِقُوا} تدل على الوجوب؛ لأن الصحيح المقرر في الأصول: أن صيغة افعل إذا تجردت عن القرائن اقتضت الوجوب، وإليه أشار في المراقي بقوله:
• وافعل لدى الأكثر للوجوب * إلخ
وذلك لأن الله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} وقال جل وعلا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} فصرح