كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}، وعامهم هذا هو عام تسع، فدل على أنه لم يمكن منعهم عام تسع، ولذا أرسل عليًّا - رضي الله عنه - بعد أبي بكر ينادي ببراءة، وأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا عريان، فلو بادر - صلى الله عليه وسلم - إلى الحج عام تسع لأدى ذلك إلى رؤيته المشركين يطوفون بالبيت وهم عراة، وهو لا يمكنه أن يحضر ذلك، ولا سيما في حجة الوداع التي يريد أن يبين للناس فيها مناسك حجهم، فأول وقت أمكنه فيه الحج صافيًا من الموانع والعوائق بعد وجوبه عام عشر، وقد بادر بالحج فيه. والعلم عند الله تعالى.
وأجابوا عن قولهم: كونه - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي أن يفسخوا حجهم في عمرة دليل على تأخير الحج؛ لأنهم بعد ما أحرموا فيه فسخوه في عمرة، وحلوا منه بأن هذا ليس فيه تأخير الحج؛ لعزمهم على أن يحجوا في تلك السنة بعينها، وتأخير الحج إنما هو بتأخيره من سنة إلى أخرى، وذلك ليس بواقع هنا، فلا تأخير للحج في الحقيقة؛ لأنهم حجوا في عين الوقت الذي حج فيه من لم يفسخ حجه في عمرة، فلا تأخير كما ترى.
وأجابوا عن قولهم: إنه لو أخره من سنة إلى أخرى، أو إلى سنين، ثم فعله بعد ذلك فإنه يسمى مؤديًا، لا قاضيًا بالإِجماع، ولو حرم التأخير لكان قضاء بأن القضاء لا يكون إلَّا في العبادة المؤقتة بوقت معين، ثم خرج ذلك الوقت. المعين لها كما هو مقرر في الأصول، والحج لم يوقت بزمن معين، والعمر كله وقت له، وذلك لا ينافي وجوب المبادرة خوفًا من طرو العوائق، أو نزول الموت قبل الأداء، كما تقدم إيضاحه.
وأجابوا عن قولهم: إن من تمكن من أداء الحج، ثم أخره، ثم