كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
بالحج". لفظ مسلم، وفي رواية عنه في الصحيح: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهل بالحج" وفي رواية عنه - رضي الله عنه - في الصحيح: "ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج". كل هذه الألفاظ في صحيح مسلم رحمه الله تعالى.
وفي صحيح مسلم أيضًا من حديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: "قدمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلين بالحج ... " الحديث.
قالوا: فهذه الأحاديث الصحاح دالة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم مفردًا، ورواتها من أضبط الصحابة وأتقنهم، قالوا: فمنهم: جابر الذي عرف ضبطه وحفظه وخصوصًا ضبطه لحجته - صلى الله عليه وسلم - ، ومنهم: ابن عمر الذي رد على أنس، وذكر أن لعاب ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمسه، ومنهم: عائشة - رضي الله عنهما - وحفظها وضبطها واطلاعها على أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - كل ذلك معروف، ومنهم: ابن عباس - رضي الله عنهما - . ومكانته في العلم والحفظ معروفة.
الأمر الثاني من الأمور التي احتج بها القائلون بأفضلية الإِفراد على التمتع، والقران: هو إجماع أهل العلم على أن المفرد إذا لم يفعل شيئًا من محظورات الإِحرام، ولم يخل بشيء من النسك، أنه لا دم عليه، وانتفاء الدم عنه مع لزومه في التمتع والقران يدل على أنه أفضل منهما؛ لأن الكامل بنفسه الذي لا يحتاج إلى الجبر بالدم أفضل من المحتاج إلى الجبر بالدم.
وأجاب المخالفون عن هذا بأن دم التمتع والقران ليس دم جبر لنقص فيهما وإنما هو دم نسك محض ألزم في ذلك النسك. واحتجوا على أنه دم نسك بجواز أكل القارن، والمتمتع من دم قرانه، وتمتعه.