كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

تقدمان لا تبتدآن بشيء أول من البيت تطوفان به، ثم لا تحلان، وقد أخبرتني أمي أنها أقبلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة قط، فلما مسحوا الركن حلوا، وقد كذب فيما ذكر من ذلك. انتهى من صحيح مسلم. وفيه التصريح من عروة بن الزبير رضي الله عنهما بأن الخلفاء الراشدين والمهاجرين، والأنصار كانت عادتهم أن يأتوا مفردين بالحج، ثم يتمونه كما رأيت.
وقال النووي في شرح الحديث المذكور: وقوله: ثم لم يكن غيره، وكذا قال فيما بعده، ولم يكن غيره. هكذا هو في جميع النسخ غيره بالغين المعجمة والياء. قال القاضي عياض: كذا هو في جميع النسخ قال: وهو تصحيف، وصوابه: ثم لم تكن عمرة بضم العين المهملة وبالميم. وكان السائل لعروة إنما سأله عن فسخ الحج إلى العمرة عَلَى مذهب من رأى ذلك، واحتج بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم بذلك في حجة الوداع، فأعلمه عروة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك بنفسه، ولا من جاء بعده. هذا كلام القاضي.
قلت: هذا الذي قاله من أن قول غيره تصحيف ليس كما قال، بل هو صحيح في الرواية وصحيح في المعنى؛ لأن قوله غيره يتناول العمرة وغيرها.
ويكون تقدير الكلام: ثم حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم يكن غيره، أي: لم يغير الحج، ولم ينقله، ويفسخه إلى غيره لا عمرة ولا قران. والله أعلم. انتهى كلام النووي، وهو صواب.
وقال البخاري في صحيحه: حدثنا أحمد بن عيسى، حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن محمد بن

الصفحة 148