كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
والمروة، ثم أمرني فأحللت فأتيت امرأة من قومي فمشطتني، أو غسلت رأسي، فقدم عمر رضي الله عنه فقال: إن نأخذ بكتاب الله، فإنه يأمر بالتمام قال الله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وإن نأخذ بسنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه لم يحل حتى نحر الهدي. انتهى منه ونحوه أخرجه مسلم أيضًا.
وقال ابن حجر في فتح الباري في الكلام على الحديث المذكور: محصل جواب عمر في منعه الناس من التحلل بالعمرة، أن كتاب الله دال على منع التحلل لأمره بالإتمام، فيقتضي استمرار الإِحرام إلى فراغ الحج، وأن سنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا دالة على ذلك؛ لأنه لم يحل، حتى بلغ الهدي محله، لكن الجواب عن ذلك: هو ما أجاب به هو - صلى الله عليه وسلم - حيث قال "ولولا أن معي الهدى لأحللت" فدل على جواز الإِحلال لمن لم يكن معه هدي، وتبين من مجموع ما جاء عن عمر أنه منع منه سدًّا للذريعة.
وقال المازري: قيل: إن المتعة التي نهى عنها عمر فسخ الحج إلى العمرة، وقيل: العمرة في أشهر الحج، ثم الحج من عامه. وعلى الثاني إنما نهى عنها ترغيبًا في الإِفراد الذي هو أفضل، لا أنه يعتقد بطلانها وتحريمها. وقال عياض: الظاهر أنه نهى عن الفسخ، ولهذا كان يضرب الناس عليه، كما رواه مسلم بناء على معتقده أن الفسخ كان خاصًّا بتلك السنة.
قال النووي: والمختار أنه نهى عن المتعة المعروفة التي هي الاعتمار في أشهر الحج ثم الحج من عامه، وهو على التنزيه للترغيب في الإِفراد، كما يظهر من كلامه، ثم انعقد الإِجماع على جواز التمتع من غير كراهة، وبقي الاختلاف في الأفضل. انتهى الغرض من كلام