كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

وقال مسلم في صحيحه: حدثنا محمد بن المثنى، وابن بشار قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن قتادة قال: قال عبد الله بن شقيق: كان عثمان ينهى عن المتعة، وكان علي يأمر بها الحديث. وفيه التصريح بنهي عثمان رضي الله عنه عن التمتع. وبما ذكرنا كله تعلم أن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كلهم كانوا يرون الإِفراد أفضل، وكان هو الذي يفعلونه كما رأيت الروايات الصحيحة بذلك، وهو المعروف عنهم رضي الله عنهم، فما ورد مما يخالف ذلك فهو مردود بما رأيت.
تنبيه
فإن قيل: هؤلاء الذين يفضلون الإِفراد، كمالك، والشافعي، وأصحابهما، وكأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ومن ذكرنا سابقًا ممن يقول بأفضلية الإِفراد على غيره من أنواع النسك بأي جوابٍ يجيبون عن الأحاديث الصحيحة الواردة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا، والأحاديث الصحيحة الواردة بأنه كان متمتعًا، والأحاديث الصحيحة الواردة بأنه أمر كل من لم يسق هديًا من أصحابه بأن يتحلل من إحرامه بعمرة، فالذين أحرموا بالإِفراد أمرهم بفسخ الحج في عمرة، والتحلل التام من تلك العمرة، وتأسف هو - صلى الله عليه وسلم - على أنه ساق الهدى الذي صار سببًا لمنعه من التحلل بعمرة وقال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدى ولجعلتها عمرة" مع أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يتأسف على فوات العمرة، إلَّا وهي أفضل من غيرها، والقران الذي اختاره الله له لا يكون غيره أفضل منه؛ لأن الله لا يختار لنبيه في نسكه إلَّا ما هو الأفضل.

الصفحة 154