كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

وما ذكره عن أبي ذر من الخصوصية المذكورة قاله عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ورد المخالفون الاستدلال بالحديثين المذكورين من جهتين:
الأولى منهما: تضعيف الحديثين المذكورين، قالوا: حديث بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه المذكور عند أبي داود، والنسائي، وابن ماجه فيه ابنه الحارث بن بلال، وهو مجهول، قالوا: وقال الإِمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله في حديث بلال المذكور: هذا الحديث لا يثبت عندي، ولا أقول به. قال: وقد روى فسخ الحج في العمرة أحد عشر صحابيًّا، أين يقع الحارث بن بلال منهم؟ قالوا: وحديث أبي ذر عند مسلم موقوف عليه، وليس بمرفوع، وإذا كان الأول في سنده مجهول، والثاني موقوفًا تبين عدم صلاحيتهما للاحتجاج.
الجهة الثانية: من جهتي رد الحديثين المذكورين: هي أنهما معارضان بأقوى منهما، وهو حديث جابر المتفق عليه: أن سراقة بن مالك بن جعشم، سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال في تمتعهم المذكور: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم للأبد؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "بل للأبد" وفي رواية في الصحيح فشبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: "دخلت العمرة في الحج مرتين، لا بل لأبد أبد".
ورد المانعون تضعيف الحديثين المذكورين، قالوا: حديث بلال المذكور سكت عليه أبو داود، ومعلوم من عادته أنه لا يسكت إلا عن حديث صالح للاحتجاج، قالوا: ولم يثبت في الحارث بن بلال جرح. وقد قال ابن حجر في التقريب فيه: هو مقبول، قالوا: واعتضد حديثه بما رواه مسلم عن أبي ذر، كما رأيته آنفًا. قالوا: إن

الصفحة 160