كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
الحارث في إثبات الفسخ للصحابة، ولكنه زاد زيادة لا تخالفهم، وهي اختصاص الفسخ بهم. اهـ.
وإذا عرفت مما ذكرنا أدلة الذين ذهبوا إلى تفضيل الإِفراد على غيره من أنواع النسك، وعلمت أن جوابهم عن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بفسخ الحج في العمرة أنه لإِزالة ما كان في نفوسهم من أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، وأن الفعل المفعول لبيان الجواز، قد يكون أفضل بذلك الاعتبار من غيره، وإن كان غيره أفضل منه بالنظر إلى ذاته.
فاعلم أنهم ادعوا الجمع بين الأحاديث الصحيحة المصرحة بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا والأحاديث الصحيحة المصرحة بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان متمتعًا وكلها ثابتة في الصحيحين، وغيرهما في حجة الوداع مع الأحاديث المصرحة بأنه كان مفردًا التي هي معتمدهم في تفضيل الإِفراد بأنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم أولًا مفردًا، ثم بعد ذلك أدخل العمرة على الحج، فصار قارنًا فأحاديث الإِفراد يراد بها عندهم أنه هو الذي أحرم به أول إحرامه، وأحاديث القرآن عندهم حق، إلا أنه عندهم أدخل العمرة على الحج فصار قارنًا، وصيرورته قارنًا في آخر الأمر هي معنى أحاديث القرآن، فلا منافاة. أما الأحاديث الدالة على أنه كان متمتعًا، فلا إشكال فيها؛ لأن السلف يطلقون اسم التمتع على القرآن من حيث إن فيه عمرة في أشهر الحج مع الحج، وكذلك أمره لأصحابه بالتمتع وتمنيه له. وتأسفه على فواته بسبب سوق الهدي في قوله: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي وجعلتها عمرة" كفعله له. قالوا: وبهذا تتفق الأحاديث، ويكون التمتع المذكور بفسخ الحج في العمرة لبيان الجواز، وهو بالاعتبار أفضل من غيره، فلا ينافي أن الإِفراد