كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

أفضل منه بالنظر إلى ذاته، كما سار عليه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، قالوا: ولما أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بفسخ الحج من العمرة أسفوا؛ لأنهم أحلوا وهو باقٍ على إحرامه، فأدخل العمرة على الحج لتطيب نفوسهم بأنه صار معتمرًا مع حجة لما أمرهم بالعمرة، والمانع له من أن يحل كما أحلوا هو سوق الهدي، قالوا: فعمرتهم لبيان الجواز، وعمرته التي بها صار قارنًا لمواساتهم لما شق عليهم أنه خالفهم، فصار تمتعهم، وقرانه بهذا الاعتبار أولى من غيرهما، ولا يلزم من ذلك أفضليتهما في كل الأحوال بعد زوال الموجب الحامل على ذلك.
قالوا: وهذا هو الذي لاحظه الخلفاء الراشدين: أبو بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، فواظبوا على الإِفراد نحو أربع وعشرين سنة، كلهم يأخذ بسنة الخليفة الذي قبله في ذلك.
قالوا: وما قاله جماعة من أجِّلاء العلماء من أن بيان جواز العمرة في أشهر الحج عام حجة الوداع لا داعي له، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين ذلك بيانًا متكررًا في سنين متعددة، وذلك لأنه اعتمر عمرة الحديبية عام ست، وعمرة القضاء عام سبع، وعمرة الجعرانة عام ثمان، وكل هذه العمر الثلاث في ذي القعدة من أشهر الحج.
قالوا: وهذا البيان المتكرر سنة بعد سنة كافٍ غاية الكفاية، فلا حاجة إلى بيان ذلك بأمر الصحابة بفسخ الحج في العمرة. وكذلك قوله: "ومن شاء أن يهلّ بعمرة فليهلّ" المتقدم في حديث عائشة. وإذا كان بيان ذلك لا حاجة إليه، تعين أن الأمر بالفسخ المذكور لأفضلية التمتع على غيره، لا لشيء آخر.
لا شك في أنه ليس بصحيح، وأن بيان ذلك محتاج إليه غاية

الصفحة 165