كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
سوقه للهدي الذي كان سببًا لعدم تحلله بالعمرة معهم. قالوا: لو لم يكن التمتع هو أفضل الإنساك لما أمر به أصحابه، ولما تأسف على أنه لم يفعله في قوله: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة".
تنبيهات
التنبيه الأول: اعلم أن دعوى من ادعى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان متمتعًا التمتع المعروف، وأنه حل من عمرته، ثم أحرم للحج باطلة بلا شك، وقد ثبت بالروايات الصحيحة التي لا مطعن فيها أنه كان قارنًا، وأنه لم يحل حتى نحو هديه، كما قدمناه في هذا المبحث في حديث أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها، وعن أبيها، فإن لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديثها المتفق عليه قال: "إني لبدت رأسي، وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحو "والأحاديث بمثله كثيرة.
وسبب غلط من ادعى الدعوى الباطلة المذكورة هو ما أخرجه مسلم في صحيحه: حدثنا عمرو الناقد، حدثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن حجير، عن طاوس قال: قال ابن عباس: قال معاوية: أعلمت أني قصرت من رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند المروة بمشقص، قلت له: لا أعلم هذا إلَّا حجة عليك. وحدثني محمد بن حاتم، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، حدثني الحسن بن مسلم، عن طاوس، عن ابن عباس أن معاوية بن أبي سفيان أخبره قال: قصرت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشقص وهو على المروة، أو رأيته يقصر عنه بمشقص، وهو على المروة. انتهى منه.