كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
ومعنى قوله: {لَنَاكِبُونَ} عادلون عنه، حائدون غير سالكين إياه، وهو معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول نصيب:
خليلي من كعب ألما هديتما ... بزينب لا تفقد كما أبدًا كعب
من اليوم زوراها فإن ركابنا ... غداة غدٍ عنها وعن أهلها نكب
جمع ناكبة عنها، أي: عادلة عنها متباعدة عنها، وعن أهلها.
• قوله تعالى: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٥)}.
قد بينا الآيات الموضحة لما دلت عليه هذه الآية من أنه تعالى يعلم المعدوم الذي سبق في علمه أنه لا يوجد أن لو وجد كيف يكون = في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٢٨)} فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
وقوله في هذه الآية: {لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٥)} اللجاج هنا: التمادي في الكفر والضلال. والطغيان: مجاوزة الحد، وهو كفرهم باللَّه، وادعاؤهم له الأولاد والشركاء، وقوله: {يَعْمَهُونَ} يترددون متحيرين لا يميزون حقًّا من باطل. وقال بعض أهل العلم: العمه: عمى القلب. والعلم عند الله تعالى.
• قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (٧٦)}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه أخذ الكفار بالعذاب. والظاهر أنه هنا: العذاب الدنيوي كالجوع والقحط والمصائب، والأمراض والشدائد {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ} أي: ما خضعوا له، ولا ذلوا: {وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (٧٦)}، أي: ما يبتهلون إليه بالدعاء متضرعين