كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
عن قَتَادة، عن أَنس مرفوعًا لم يخالفوا فيها غيرهم، بل حفظوا ما لم يحفظه غيرهم، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، فادعاء الغلط عليهما بلا دليل غلط. وقول النووي في شرح المهذب: وروى الحاكم حديث أَنس، وقال: وهو صحيح، ولكن الحاكم متساهل كما سبق بيانه مرات. والله أعلم.
يجاب عنه: بأنا لو سلمنا أن الحاكم متساهل في التصحيح، لا يلزم من ذلك أنَّه لا يقبل له تصحيح مطلقًا. ورب تصحيح للحاكم مطابق للواقع في نفس الأمر، وتصحيحه لحديث أَنس المذكور لم يتساهل فيه، ولذا لم يبد النووي وجهًا لتساهله فيه، ولم يتكلم في أحد من رواته، بل هو تصحيح مطابق.
فإن قيل: متابعة حمَّاد بن سلمة لسعيد بن أبي عروبة المذكورة راوي عن حمَّاد هو أَبو قَتَادة عبد الله بن واقد الحراني، وهو متروك، لا يحتج بحديثه، كما جزم به غير واحد من العلماء بالرجال. وقال فيه ابن حجر في التقريب: متروك فقد تساهل الحاكم في قوله: إن هذه الطَّرِيق على شرط مسلم، مع أن في إسنادها أبا قَتَادة المذكور.
فالجواب: أن أبا قَتَادة المذكور وإن ضعفه الأكثرون، فقد وثقه الإِمام أحمد وأثنى عليه، وناهيك بتوثيق الإِمام أحمد وثنائه، وذكر ابن حجر والذهبي: أن عبد الله بن أحمد قال لأبيه: إن يعقوب بن إسماعيل بن صبيح ذكر أن أبا قَتَادة المذكور كان يكذب، فعظم ذلك عنده جدًّا، وأثنى عليه وقال: إنه يتحرى الصدق. قال: ولقد رأيته يشبه أصحاب الحديث. وقال أحمد في موضع آخر: ما به بأس، رجل صالح، يشبه أهل النسك ربما أخطأ، وفي إحدى الروايتين عن ابن معين أنَّه قال: أَبو قَتَادة الحراني ثقة. ذكرها عنه ابن حجر