كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
والذهبي. وقول من قال: لعله كبر فاختلط تخمين وظن لا يثبت به اختلاطه، ومعلوم أن المقرر في الأصول وعلوم الحديث أن الصحيح أن التعديل يقبل مجملًا، والتجريح لا يقبل إلَّا مفصلًا، مع أن رواية سعيد بن أبي عروبة، عن أَنس ليس في أحد من رواتها كلام.
ومما يؤيد ذلك موافقة الحافظ النقادة الذهبي للحاكم على تصحيح متابعة حمَّاد، مع أن حديث أَنس الصحيح المذكور معتضد بمرسل الحسن، ولا سيما على قول من يقول: أن مراسيله صحاح، إذا روتها عنه الثقات، كابن المديني وغيره، كما قدمناه.
ويؤيد ذلك أن مشهور مذهب مالك، وأبي حنيفة، وأحمد الاحتجاج بالمرسل كما قدمناه مرارًا، ويؤيده أيضًا: الأحاديث المتعددة التي ذكرنا، وإن كانت ضعافًا لأنها تقوي غيرها، ولا سيما حديث ابن عبَّاس، فإنا قد ذكرنا سنده، وبينا أنَّه لا يقل عن درجة الاحتجاج.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: ولا يخفى أن هذه الطرق يقوي بعضها بعضًا، فتصلح للاحتجاج.
ومما يؤيد الحديث المذكور أن أكثر أهل العلم على العمل به، كما قدمنا عن أبي عيسى التِّرمِذي أنَّه قال في حديث الزاد والراحلة: والعمل عليه عند أهل العلم، وقد بينا أنَّه قول الأكثرين منهم الأئمة الثلاثة: أَبو حنيفة، والشَّافعي، وأحمد.
فالحاصل: أن حديث الزاد والراحلة، لا يقل بمجموع طرقه عن درجة القبول والاحتجاج.
وأظهر قولي أهل العلم عندي أن المعتبر في ذلك ما يبلغه ذهابًا وإيابًا.