كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

ذلك الشخص على المشي، وكذلك يجب على ذي الصنعة التي يحصل منها قوته في سفره؛ لأنه في حكم واجد الزاد في المعنى. والعلم عند الله تعالى.
الوجه الثاني: أن الله جل وعلا سوى في كتابه بين الحاج الراكب، والحاج الماشي على رجليه، وقدم الماشي على الراكب، وذلك في قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧)}.
وقد قدمنا الكلام على هذه الآية الكريمة مستوفى، هذا هو حاصل ما يتعلق بالمستطيع بنفسه.
وأما ما يسمونه المستطيع بغيره فهو نوعان:
الأول منهما: هو من لا يقدر على الحج بنفسه، لكونه زمنًا، أو هرمًا ونحو ذلك، ولكنه له مال يدفعه إلى من يحج عنه، فهل يلزمه الحج نظرًا إلى أنه مستطيع بغيره، فيدخل في عموم: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا}؟ أو لا يجب عليه الحج؛ لأنه عاجز غير مستطيع بالنظر إلى نفسه، فلا يدخل في عموم الآية.
وبالقول الأول قال الشافعي وأصحابه، فيلزمه عندهم أجرة أجير يحج عنه بشرط أن يجد ذلك بأجرة المثل.
قال النووي: وبه قال جمهور العلماء، منهم علي بن أبي طالب، والحسن البصري، والثوري، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وابن المنذر، وداود.
وقال مالك: لا يجب عليه ذلك، ولا يجب إلَّا أن يقدر على الحج بنفسه. واحتج مالك بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا

الصفحة 99