كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 6)
أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨)} وقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (٥٦)} وقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} الآية. وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)} وقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦)} والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} أي: لا شفاعة لهم أصلًا حتى تغني شيئًا، ونحو هذا أسلوب عربي معروف، ومنه قول امرئ القيس:
على لا حب لا يهتدى بمناره ... إذا سافه العود النباطي جرجرا
فقوله: لا يهتدى بمناره، أي: لا منار له أصلًا حتى يهتدى به، وقول الآخر:
لا تفزع الأرنب أهوالها ... ولا ترى الضب بها ينجحر
أي: لا أرنب فيها حتى تفزعها أهوالها، ولا ضب فيها حتى ينجحر، أي: يتخذ جحرًا.
وهذا المعنى هو المعروف عند المنطقيين بقولهم: السالبة لا تقتضي وجود الموضوع. كما تقدم إيضاحه.
• قوله تعالى: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٠)}.
بيَّن جلَّ وعلا أن العباد ما يأتيهم من رسول إلَّا كانوا به