كتاب آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (اسم الجزء: 3)

كبير أصنام قومه ليستخلص النتيجة من انتصار النُّبوة- وهي حق- على الصنم- وهو باطل-. فيرسم لنا الصورة التالية: "ما أشأم العاصمي على نفسه! فقد سكتنا عنه فأبى، بعد أن جارانا فكبَا، وما تحدثنا عَنه في الماضي إلا باعتباره أداة لا شخصًا، وما سكتنا عنه بعد ذلك إلا لأننا أوسعنا تلك الأدوات تحطيمًا وتهشيمًا و"رغنا عليها ضربًا باليمين" ويضيف: "هاج هذا المخلوق الشر بتماديه في الشر .. لأن هذه الطريقة هي التي تُظهره وتقربه زُلفى إلى آلهته .. إنه لهم مولى شؤم، وعشير سوء، لبئس المولى، ولبئس العشير" [ص:150].
ثم يعمد إلى الاستعمار فيقارن بينه وبين المستضعفين المبتلين بحكمه ليقول "ألا إن في الاستعمار لفحة من جهنم، وإن في المستضعفين سِمات من أهلها أظهرها أنهم لا يموتون ولا يحيون" [ص:220].
وفي موضع آخر نقرأ له: "يا هؤلاء! إن الاستعمار شيطان، وإن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًّا " [ص:288].
وعند توعيته الأحزاب الجزائرية بواجب الوحدة، ومغبة الافتراق يمهد لذلك بالقرآن أيضًا فَيُعرِّضُ بالفرقة قائلاً: "ما ذكر القرآن الأحزاب بلفظ الجمع إلا في مقام الخلاف والهزيمة {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ} [الآية 37 السورة مريم]، {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ} [الآية 11، سورة ص] وإن حزب الله في الأمة الجزائرية هو جمعية العلماء [ص:66].
ثم يتجه مباشرة إلى قادة الأحزاب فيخاطبهم- مُستخدمًا نفس الرمزية القرآنية- "يا قادة الأحزاب! إن في صفوفكم دساسين مدخولين من الرجال لهم أغراض في المنافع والكراسي، ولهم مقاصد في الإفساد، وإنَّكم لتعرفونهم بسيماهم وتعرفونهم في لحن القول فأخرجوهم من الصفوف" [ص:302].
وفي ردّ الإبراهيمي على الزعم الاستعماري الفرنسي بأن "الجزائر فرنسية" ينبري لهذا الزعم بالبراهين القرآنية الرائعة، ومنها قوله: "ولو أن الاستعمار شرعها زجلًا بالتسبيح في ناشئة الليل، وجعل كفاء سماعها جزاء الأبرار، لكان في آذاننا وقر من سماعها، ولعددناها غثّة مرذولة، ممزوجة مملوءة، ولهدينا بالفطرة إلى الطيب من القول، وهي أن الجزائر ليست فرنسية، ولن تكون فرنسية، كلمات قالها أولنا، ويقولها آخرنا، ومات عليها سلفنا، وسيلقى الله عليها خلفنا" [ص:349].
أما عن فلسطين السليبة، فإن الإبراهيمي جعل منها قضية كل جزائري وكل عربي، وكل مسلم ... فخصها بسلسلة من المقالات حاول فيها استنهاض الهمّة العربية، والعزة الإسلامية، فاستعان على ذلك بنفس الإعجاز القرآني، خصوصًا "وأن فلسطين وديعة محمد

الصفحة 7