كتاب آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (اسم الجزء: 5)

ويجلّي موضوع العبرة فيها والقدوة بها، فتتألف من ذلك كله في عامة شعره صور بديعة تأخذ النفس أخذة السحر وتفضي به إلى الاعتبار ثم الاقتداء.
وشيء آخر يدلّ دلالة واضحة على إيمان شوقي بما يقول في ذلك وهو أن مما يثقل ميزان الممدوح أو المرثي في حكم شوقي أن يكون مقيمًا لدينه كما يريد الله، حتى الدولة العثمانية لم يفرغ عليها تلك الحلل الخالدة إلا لأنها تخدم الإسلام وتؤمّل لإعزازه.
يقول شوقي في رثاء حسين شيرين:
أبدًا يراه الله في غلس الدجى … في صحن مسجده وحول كتابه
ويقول في تعزية لأهل دمياط:
بني دمياط ما شيء بباق … سوى الفرد الذي احتكر البقاء
تعالى الله لا يبقى سواه … إذا وردت بريته الفناء
وأنتم أهل إيمان وتقوى … فهل تلقون بالعتب القضاء
ملأتم من بيوت الله أرضا … ومن داعي البكور لها سماء
ولا تستقبلون الفجر إلا … على قدم الصلاة إذا أضاء
ويقول في وصاياه الخالدة للأجيال:
ويا جيل الأمير إذا نشأتا … وشاء الجد أن تعطى وشئتا
فخذ سبلًا إلى العلياء شتى … وخلّ دليلك الدين القويما
وضِنَّ به فإن الخير فيه … وخذه من الكتاب وما يليه
ولا تأخذه من شفتي فقيه … ولا تهجر مع الدين العلوما
وصل صلاة من يرجو ويخشى … وقبل الصوم صم عن كل فحشا
ولا تحسب بأن الله يُرشى … وأن مزكّيًا أمن الجحيما
ويقول في بعض تلك الوصايا:
يا مديم الصوم في الشهرالكريم … صم عن الغيبة يومًا والنَّمِيمْ
وإذا صلّيت خف مَن تَعْبُدُ … كم مصلّ ضج منه المسجد
واجعل الحج إلى أم القرى … غِبَّ حج لبجوت الفقرا
وتسمح وتوسع في الزكاة … إنها محبوبة عند الإله
فرض البِرَّ بها فَرْضَ حكيمْ … فإذا ما زدت فالله كريم

الصفحة 205