كتاب آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (اسم الجزء: 5)

وفي هذه القطع منازع لطيفة في فقه الدين تدلّ على ما لشوقي- رحمه الله- من رسوخ في فهم حقيقة الدين ومعنى التديّن.
ويقول في مناجاة شعرية لربّه هي ثمرة كمال إيمانه وخوفه منه:
وياربّ هل تُغني عن العبدحَجَّةٌ … وفي العمر ما فيه من الهفوات
وتشهد ما آذيت نفسًا ولم أضر … ولم أبغِ في جهري ولا خطراتي
ولا غلبتني شقوة أو سعادة … على حكمة آتيتني وأناةِ
ولا جال إلّا الخير بين سرائري … لدى سدّة خيرية الرّغَباتِ
ولا بتّ إلا كابن مريم مشفقا … على حُسَّدِي مستغفرًا لعداتي
ولا حُمِّلَتْ نَفْسٌ هوى لبلادها … كنفسي في فعلي وفي نَفَثاتي
وإني ولا مَنٌّ عليك بطاعة … أجل وأغلي في الفروض زكاتي
أبالغ فيها وهي عدل ورحمة … ويتركها النساك في الخلوات
وأنت ولي العفو فامْحُ بناصع … من الصفح ما سوَّدْتُ من صفحاتي
ويقول في الشيخ جاويش وأعماله للإسلام:
يقولون ما لأبي ناصر … وللترك، ما شأنه والهنودْ؟
وفيمَ تحمل هَمَّ القريب … من المسلمين وهم البعيد
فقلت وما ضرّكم أن يقوم … من المسلمين إمام رشيد
أتستكثرون لهم واحدًا … وليّ القديم نصير الجديد
سعى ليؤلف بين القلوب … فلم يَعْدُ هديَ الكتاب المجيد
يشدّ عُرَا الدين في داره … ويدعو إلى الله أهل الجحود
وللقوم حتى وراء القفار … دعاة تغني ورُسْلٌ تشيد
وهو يشير بهذا البيت إلى ما يبذله المبشّرون في سبيل دينهم:
...

أما توحيد الله والإيمان بقضائه وقدره وغيبه وبعثه ونشوره فإن دارس شعر شوقي يستفيد منه ما لا يستفيده من كتب الكلام الجافة بأنواع من الاستدلال الوجداني فتدخل النفوس من أيسر طريق وتتغلغل إلى مكامن اليقين فيها، فتنتهي بها إلى غاية الغايات من الإيمان الصحيح.
يقول في الروح:
الروح للرحمن جلّ جلاله … هي من ضنائن علمه وغيابه

الصفحة 206