كتاب آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (اسم الجزء: 5)

ويقول في مشكلة القضاء:
القضاء معضلةٌ … لم يَحُلَّها أَحَدُ
كلما نقضْتَ لها … عقدة بدت عقد
أتعبت معالجها … واستراح مُعْتَقِد
ويقول في تولستوي:
طوانا الذي يطوي السموات في غد … وينشر بعد الطي وهو قدير
ويقول في رثاء صديق:
فَعَليَّ حِفْظُ العهد حتى نلتقي … وعليك أن ترعاه حتى نحشرا
...

ومن دلائل إيمانه القوي بالله ورسوله ومحبته لهما محبة ملكت شعوره، تلك المدائح النبوية التي أرى أنّه تفوّق فيها على السابقين الأولين، وبذ فيها السوابق القرح من المجيدين في هذا الباب الذي لم يُجِدْ فيه قبله إلا اثنان أو ثلاثة في تاريخ الملة الإسلامية.
وإنّ في مدائح شوقي أنواعًا من الحكم، وأصنافًا من العلم وأمثالًا مضروبة ونصائح ومذكرات لا توجد في مدائح غير شوقي، وبلغ من اعتزاز شوقي بمدائحه أن يقول في قرية صديق له:
قد كان شعري شغل نفسك فافترح … من كل جائلة على الأفواهِ
فاقرأ على "حسّان" منه لعله … بفتاه في مدح الرسول مُباهِ

أيها الإخوان:
يؤخذ على شوقي أنه مع جلالته في الإيمان ومتانة العقيدة يطغى عليه الجبروت الشعري فيقع في هفوات تدخل في باب الإغراق والغلوّ أو في باب التساهل والاستخفاف. وقد سبقه إلى الوقوع في أمثالها من فحول الشعراء ابن هانئ الأندلسي والمتنبي والرضي من غير إكثار. ولعمري إن بعض ما وقع لشوقي من ذلك يجاوز حدود التأول، لا لأن موقع هذه الأشياء التي تساهل فيها شوقي في باب التوفيقيات، وللتوفيقيات في الإسلام آداب مخصوصة وموارد منصوصة لا يستمح فيها، ولا يشفع فيها العذر والتأويل.
من هذه المبالغات قوله:
وجه الكنانة ليس يُغضِب ربَّكم … أن تجعلوه كوجهه معبودا
ولّوا إليه في الدروس وجوهكم … وإذا فرغتم واعبدوه هجودا

الصفحة 207