كتاب آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (اسم الجزء: 5)

الذكرى الرابعة لثورة الجزائر التحريرية *
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أيها الإخوة:
إن المعنى الذي أذن فيكم مؤذنه بالاجتماع فاجتمعتم، وحدا بكم حاديه إلى الإسراع فأهطعتم، هو "ثورة الجزائر". هذا المركب الإضافي غير محدود ولا مقيّد، فالأعمال العظيمة كالأشجار، لها موسم واحد يحتفل به الناس وهو موسم إيتاء الثمرات، فيوم الثورة الجزائرية هو يوم النصر الأخير، يوم يفرح المؤمنون بنصر الله.
أما هذه القيود التي نضيفها ونجعل منها بواعث للاجتماعات فهي من مواضعاتنا نحن معشر القعدة الخالفين لا تخطر ببال إخوانكم أبطال الجهاد وأحلاف الجلاد الذين انمحت الفوارق عندهم بين الأيام والليالي والشهور والأعوام فكلها عندهم مرحلة واحدة، إلى غاية واحدة، فلنتشبّه بهم إن لم نكن مثلهم، ولنذكرهم في كل يوم وفي كل ليلة، ويا بؤس الثورة الجزائرية إن كنا لا نذكرها إلّا في ليلة من سنة.
وعلى ما فينا من نقيصة وافتتان بالعوائد والمصطلحات فإن المعنى الذي حفزكم لهذا الاجتماع هو من أسمى المعاني التي يجتمع لها العقلاء، وتسمو إليها هممهم، وتتطلع إليها نفوسهم، لأنه- على بعد الدار- تكثير روحي لسواد إخوانكم المجاهدين الذين باعوا أنفسهم لله، وأخلصوا النية في الجهاد في سبيله وإعلاء كلمته وتحرير طائفة من عباده أرهقها الاستعمار من أمرها عسرًا وأثقلها حمل القيود عشرات السنين وتقطعت بها الأسباب المعنوية إلّا السبب الواصل بالله وبدينه، والأسباب الحسية إلّا نسبتها للعرب واعتزازها بالعروبة وارتباطها بالشرق، ووفاءها بعهود الثلاثة.
__________
* الحفل الذي أقيم بالقاهرة في أول نوفمبر 1958، احتفالًا بالذكرى الرابعة لثورة التحرير.

الصفحة 230