كتاب آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (اسم الجزء: 5)

لا نخطط الخطوط لذلك التاريخ المرتقب، ولا نحدد الحدود لذلك المؤرخ ولا نقدم له صورة هينة، فذلك المؤرخ الذي أعدّه الله لهذه المنقبة لعلّه لم يولد بَعْدُ، وإنما الشرط فيه أن يكون جزائريًا، فإن كان ممن لفظتهم الأرحام قبيل هذه الثورة فذلك أكمل له، لأنه يكون قد فتح عينيه على ويلات الاستعمار في آخِرِ عمره بالوجود، وذاق- مهما يكن عمره- علقم الاستعمار في طور كلبه وسعاره، والوحش الضاري أشذ ما يكون عرامًا ووحشية وخبثًا حينما يوقن بقرب انتزاع اللقمة من بين شدقيْه.
لعمري لَئنْ وُجد هذا الكتاب التاريخي على النحو الذي أتصوره ليكُونَنَّ بدعًا في كتب التاريح كما كانت الثورة التي يؤرّخ لها بدعًا في الثورات، وإن أكبر أمنية من الأماني التي أتصورها أن تؤرخ الثورة الجزائرية على هذا النحو، وإنه لتاريخ لا يستمدّ مصادره الأولى إلّا من نفس الجزائري وعروبته وإسلامه، وشهامته وجدّه وصراحته وبساطته في فهم الحياة والأحياء، (ويا ليتني فيها جذع).

الصفحة 251