كتاب آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (اسم الجزء: 5)

وقد استهلّ الحفل الشيخ الفاضل بن عاشور، وتلاه المحامي عمّار الدحلاوي، وتلاه الشاعر الجزائري مفدي زكرياء، والشاعر المغري عبد الكرلم ابن ئابت، ومصطفى خريف، والأخضر عبد القادر السايحي، وباجو صالح، وعلي بن ضياف، وكانت مسك الختام كلمة الشيخ الإبراهيمي، التي كانت بحق كلمة رفيعة المبنى والمعنى، تضمنت نصائح غالية للشباب، وتحية للثورة الجزائرية ودعوات لها، وشكر تونس لإيواء الئوّار الجزائرفي ومساعدتها لهم، وكانت كلمة الشيخ غير مرتجلة ولم تنشر في حينها.
الحبيب شيبوب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أيها الإخوة الأعزّة، أيها الأبناء البررة:
حيّاكم الله وأحياكم، وأبقاكم للعروبة ترفعون منارها، وتورون بالجانب الغربي نارها، وأدامكم للغة العرب تشدّون ذرائعها وتقيمون شرائعها، وأحياكم للأدب العربي تصلون رحمه، كلما رمته الأحداث بالجفاء والعقوق، وتحفظون حقوقه كلما عامله بعض أبنائه بتضييع الحقوق، وللإسلام الذي هو مناط فخاركم وداعية افتخاركم تعلون صرحه، وتحسنون فهمه وشرحه.

أيها الإخوة، أيها الأبناء:
يعزّ عليّ أن يقول الناس ولا أقول، وأن أسمع الحداء ولا أطرب، وأن تتبارى جياد الرهان في ميدان فاكون فيها السكيت المتخلّف، وأن تتسابق همم إخواني وأبنائي إلى تكريمي والتنويه باسمي، فلا يكون حظي من بينهم إلا الوجوم والإطراق وعدم مكافأة إحسانهم بإحسان، وأن اكون شذوذًا في قاعدة: لكل امرئ من دهره ...
أنا عاجز عن شكر ما طوّقتم به عنقي من منن لا ينهض بحملها إلا من أوتي طراوة الشباب ومواتاة الأسباب، وبلاغة الخطاب، ولكن أين مني ذلك كله والعود قد جفّ، والفطين قد ح!، والسن قد نشر من المعايب ما كان الشباب قد لفّ. ولوكنت ما كنت، لأسمعتكم في هذه الليلة ما يجاري هذا الفيض الذي غمرتموني به من القصائد والخطب ويجري معه في عنان، ولكن حال الجريض دون القريض، ووقف إلحاح الأمراض وكلال الذهن وجفاف القريحة دون ذلك، فاعذروا أخًا يتقرّب إليكم برابطة الأخؤة وأبًا يتشفع إليكم بحقوق الأبوّة، وحسبكم منه محبة خالصة لا يشويها شوب من تصنع أو رياء، لكم وللأدب العربي الذي تتحلّون به وتقومون على إحيائه وترقيته، ومن شغفه الأدب حئا أحبّ الأدباء بالضرورة.

الصفحة 269