كتاب آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (اسم الجزء: 5)

جمعية العلماء أنا وعبد الحميد بن باديس، وكنت في طليعة العاملين على إحياء العلوم الدينية والعربية بالجزائر من الابتدائية إلى العالية، وكنت أبرز المشيدين لأربعمائة مدرسة في مدن القطر الجزائري وقراه، وفي طليعة المجاهدين في سبيل الإصلاح الديني وحرب التدجيل والابتداع في الدين وبث الوعي الوطني، وتصحيح الموازين الفكرية والعقلية في نفوس أفراد الشعب الجزائري.
9 - بعد ظهور جمعية العلماء للوجود انغمست في أعمالها وتشكيلاتها وانقطعت إلى العلم وتأسيس مدارسه ووضع برامجه، وكيلًا لها في حياة ابن باديس ورئيسًا لها بعد موته على ما هو مفصل في الخلاصة، وفي سنة 1952 ميلادية رحلت إلى الشرق بتكليف من جمعيتي، وكان الباعث على هذ الرحلة أمرين:
الأول: السعي لدى الحكومات العربية لتقبل لنا بعثات من أبناء الجزائر.
الثاني: مخاطبة حكومات العرب والمسلمين في إعانتنا ماليًّا حتى تستطيع الجمعية أن تواصل أعمالها بقوّة، لأن الميدان اتسع أمامها، والشعب الجزائري محدود القوّة المالية، إذا لم يعنّا إخواننا فربما تنتكس حركتنا، وهذا ما ينتظره الاستعمار لنا.
وقد قدمت مصر ثم زرت باكستان والعراق وسوريا والحجاز. فأما قبول البعثات فقد حصلت فيه على الغرض، وأما الإعانة بالمال فقد كانت طفيفة، وقامت الثورة الجزائرية المباركة سنة 1954، واستفحل أمرها فانقطعت مكرهًا عن زيارة الجزائر.
10 - تركت مسودات مؤلفاتي كلها بالجزائر ولم أصحبها معي لتطبع أو يطبع بعضها هنا كما كنت آمل، لأني لم أشأ أن أخلط عملًا عموميًّا للجزائر بعمل شخصي لنفسي.
وأنا أرجو للثورة الجزائرية التي شاركت في التمهيد لها وتهيئة أسبابها ختامًا جميلًا تنال به الجزائر حريتها واستقلالها.
نفعنا الله بما علَّمَنا وبما علَّمْنا إنه مجازي العاملين المخلصين.

الصفحة 291