كتاب أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

التاسع: أن هذا الكتاب لو كان صحيحًا لأظهروه في أيام الخلفاء الراشدين، وفي أيام عمر بن عبد العزيز، وفي أيام المنصور والرشيد، وكان أئمة الإسلام يستثنونهم ممن تُوضع عنهم الجزية، أو يذكر (¬١) ذلك فقيهٌ واحدٌ من فقهاء المسلمين، ولا يجوز على الأمة أن تُجمِع على مخالفة سنة نبيِّها. وكيف يكون بأيدي أعداء الله كتابٌ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يحتجُّون به كلَّ وقتٍ على من يأخذ الجزية منهم، ولا يذكره عالمٌ واحدٌ من علماء السلف؟ وإن اغترَّ به بعضُ من لا علْمَ له بالسيرة والمنقول من المتأخرين، فَشنَّع (¬٢) عليه أصحابه، وبيَّنوا خطأه، وحذَّروا من سقطته.
العاشر: أن أئمة الحديث والنقل يشهدون ببطلان هذا الكتاب، وأنه زُورٌ مفتعلٌ وكذبٌ مختلقٌ (¬٣). ولما أظهره اليهود بعد الأربع مائةٍ على عهد الحافظ أبي بكر الخطيب البغدادي أرسل إليه الوزير ابن المسلمة، فأوقفَه عليه فقال الحافظ: هذا الكتاب زورٌ، فقال له الوزير: من أين هذا؟ فقال: فيه شهادة سعد بن معاذٍ ومعاوية بن أبي سفيان، وسعدٌ مات يومَ الخندق قبل خيبر، ومعاوية أسلم يوم الفتح سنة ثمانٍ، وخيبر كانت سنة سبعٍ. فأعجب ذلك الوزير (¬٤).
---------------
(¬١) في المطبوع: "لذكر" خلاف ما في الأصل.
(¬٢) في الأصل: "وشنع".
(¬٣) انظر: "البداية والنهاية" (٦/ ٣٥٥، ٣٥٦ و ١٦/ ٢٨)، و"المغني" (١٣/ ٢٥٢)، و"مجموع الفتاوى" (٢٨/ ٦٦٤).
(¬٤) انظر: "المنتظم" (١٦/ ١٢٩)، و"معجم الأدباء" (١/ ٣٨٦)، و"سير أعلام النبلاء" (١٨/ ٢٨٠)، و"الوافي بالوفيات" (٧/ ١٩٢، ١٩٣)، و"المستفاد من ذيل تاريخ بغداد" (ص ٦٠)، و"طبقات الشافعية" (٤/ ٣٥).

الصفحة 14